Translate

السبت، 12 مارس 2011

الحجاب الشرعــي من الكتاب والسنـــــة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
انبرى قوم من بني الإسلام لتخصيص أحكام عامة وتقييد أخرى مطلقة
سالكين بذلك مسلك الإجتهاد فأصابوا في أمور وأخطئوا في أخرى ..
مما أثيرا مؤخرا قضية الحجاب الشرعي وتخصيص آيات الحجاب في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم .
في هذه المشاركة سنتاول الموضوع بإذن الله وفق النقاط التالية :
* ذكــــــر الآيات الورادة في الحجــــاب .
* ذكر عموم الآيات التي ودت في الحجاب وعدم تخصيصها.
* شــــــرح الآيات وذكرأقوال المفسرين فيـها .
* ذكــــــر الأحاديث النبوية الدالة على الحجاب.
* دراســــــة دليل أسماء الذي عليه مدارالخلاف .
*********************************
النقطة الأولى ذكر الآيات الورادة في الحجـاب .
الآية الأولى : قال تعالى : {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}
هذه الآية المعروفة بآية الحجاب حكمها عام لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ولغيرهن،
لا كما زعم البعض أنها خاصة بأمهات المؤمنين؛ والدليل على عمومها ما يلي:
1: خطاب الواحد يعم الجميع مالم يأت دليل"يقيني" خاص ينقله من العموم ويجعله خاصا ً.
2: قوله تعالى {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}، فجعل النهى مرتبطا ً بعلة تطهير القلب, ولاشك أن غير زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أحوج إلى هذا منهن ،، فتأمل...
3: وأيضا فالخطاب موجه إلى الرجال {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}، وكيف يخشى من عدم طهارة القلب إذا فقد الحجاب مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وهن أمهات المؤمنين، ولا يخشى ذلك إذا فقد الحجاب مع غيرهن, علمـــــــا ً بأن غيرهن أولى بذلك منهن.
فهل يقال:(أيها الرجال لا تخافوا على قلوبكم من الرجس ) (ضد الطهارة) إلا إذا خاطبتم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، أما غيرهن فلا تخافوا على أنفسكم سبحانك هذا بهتان عظيـــــــــــــم.
* ذكر عموم الآيات التي ودت في الحجاب وعدم تخصيصها.
أولا: قال شيخ المفسرين الإمام الطبري رحمة الله .
" وإذا سألتم أزواج رسول الله ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعا ً، فاسألوهن من وراء حجــاب"
ثانيا: قال القرطبي . رحمه الله (وفى هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها ، ويدخــــــــل في ذلك جميع النساء بالمعنى,
ثالثا: قال الجصاص . وهذا الحكم عام، وإن نزل خاصا ً في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه، فالمعنى عام فيه وفى غيره.
رابعا: قال القشيرى . نَقَلَهم عن مألوفِ العادة إلى معروف الشريعة ومفروض العبادة ، وبَيَّنَ أن البَشَرَ بَشَرٌ وإن كانوا من الصحابة ، فقال :{ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقَلَوبِهِنَّ}
فلا ينبغي لأحدٍ أن يأمن نفسه . ولهذا يُشَدَّدُ الأمرُ في الشريعة بألا يخلوَ رجلٌ بامرأة ليس بينهما مَحْرَمَة .
خامسا: قال الشنقيطى:
قول كثير من الناس : إن آية الحجاب أعني قوله تعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسألوهن مِن وراء حِجَابٍ } خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن تعليله تعالى لهذا الحكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرجال والنساء من الريبة في قوله تعالى { ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنّ } قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم ، إذ لم يقل أحد من جميع المسلمين ، إن غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى أطهرية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن . وقد تقرر في الأصول : أن العلة قد تعمم معلولها ،وإليه أشار في «مراقي السعود» بقوله :
وقد تخصص وقد تعمم ** لأصلها لكنها لا تخرم
سادسا: قال الشيخ حسنين محمد محلوف. مفتى الديار المصرية السابق في كتابة" صفوة البيان لمعاني القرءان" (وحكم نساء المؤمنين في ذلك حكم نسائه صلى الله عليه وسلم.
سابعا : قال الشيخ محمد على الصابوني . في كتابه روائع البيان في تفسير آيات الأحكام
الحكم الثالث : هل الأمر بالحجاب خاص بأزواج النبي أم هو عام؟
الآيات الكريمة وردت في شأن بيوت النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، تعظيماً لرسول الله ، وتكريماً لشأنه ، ولكنّ الأحكام التي فيها عامّة تعمُّ جميع المؤمنين ، لأنها آداب اجتماعية ، وإرشادات إلهية ، يستوي فيها جميع الناس ، فالأمر بعدم الاختلاط بالنساء ، وبسؤالهن من وراء حجاب ، ليس قاصراً على أزواج الرسول ، ولكنه عام يشمل جميع نساء المؤمنين ، فإذا كان نساء الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجوز الاختلاط بهن ، ولا النظر إليهن ، مع أنهن ( أمهات المؤمنين ) يحرم الزواج بهن ، ولا يجوزسؤالهن إلا من وراء حجاب ، فلا شكَّ أن الاختلاط بغيرهن من النساء ، أو التحدث إليهن بدون حجاب ، يكون حراماً من باب أولى ، لأن الفتنة بالنساء متحققة .
ثمّ إنّ أمر الحجاب ليس خاصاً بأزواج الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل هو عام لجميع نساء المؤمنين ، بدليل قوله تعالى في آخر السورة { ياأيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ } [ الأحزاب : 59 ] .
فهل خرجت مؤمنة من هذا الخطاب؟ وهل أمر الحجاب خاص بنساء الرسول حتى يزعم بعض المضِلّين ، أن الحجاب مفروض على نساء الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة دون سائر النساء؟!
ثامنا : قال الباحث: علي بن نايف الشحود في موسوعته دائرة معارف الأسرة المسلمة -1-104
"وقد أخطأ من زعم أنها خاص كذلك بأمهات المؤمنين..
فالحكم معلل بطهارة القلب، وإذا كانت الأمهات اللاتي اصطفاهن الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - [أي هن تقيات، صالحات، قانتات] في حاجة للحجاب لتحصيل طهارة القلب، فسائر المؤمنات أولى بالحجاب..
ومع ذلك فإن كل من قال بجواز الكشف، أقر بأن تغطية أفضل وأحسن وأعظم أجرا..
الآية الثانية:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }الأحزاب:59
هذه الآية دليل قاطع على أن عموم النساء يشتركن في الحكم(إدناء الجلباب) مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
* شــــــرح الآيات وذكرأقوال المفسرين فيـها .
1: قال ابن جرير الطبري.
لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن. ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهنّ؛ لئلا يعرض لهن فاسق، إذا علم أنهن حرائر، بأذى من قول.
ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به فقال بعضهم: هو أن يغطين وجوههن ورءوسهن فلا يبدين منهن إلا عينا واحدة.
2: قال الجصاص في أحكام القرءان.
في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين.(أحكام القرءان للجصاص,
3: قال الزمخشرى : ومعنى { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن } يرخينها عليهنّ ، ويغطين بها وجوههنّ وأعطافهنّ ,
4:قال البيضاوي الشافعي في أنوار التنزيل :يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة.
5:قال النفسي :يرخينها عليهن ، ويغطين بها وجههن وأعطافهن.
6: قال القرطبي :لما كانت عادة العربيات التبذل ، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن ، وتشعب الفكرة فيهن ، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن ,
7: قال ابن كثيـــر: قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينًا واحدة.
وقال محمد بن سيرين: سألت عَبيدةَ السلماني عن قول الله تعالى{ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} ، فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى.
8: قال الشنقيطى في الأضواء: ومن الأدلة القرآنية على احتجاب المرأة وسترها جميع بدنها حتى وجهها ، قوله تعالى { يأيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ ونساء المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ} ، فقد قال غير واحد من أهل العلم إن معنى : يدنين عليهن من جلابيبهن : أنهن يسترن بها جميع وجوههن ، ولا يظهر منهن شيء إلا عين واحدة تبصر بها ، وممن قال به ابن مسعود ، وابن عباس ، وعبيدة السلماني وغيرهم.
9: قال السعدي :هذه الآية، التي تسمى آية الحجاب، فأمر اللّه نبيه، أن يأمر النساء عمومًا، ويبدأ بزوجاته وبناته، لأنهن آكد من غيرهن،ولأن الآمر [لغيره] ينبغي أن يبدأ بأهله، قبل غيرهم كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} أن{ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ }وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه، أي: يغطين بها، وجوههن وصدورهن,
10: قال صاحب الجلالين :{يأَيُّهَا النبى قُل لأزواجك وبناتك وَنِسَآءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن } جمع جلباب وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة ، أي يُرخِين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهنّ إلا عيناً واحدة { ذلك أدنى } أقرب إلى { أَن يُعْرَفْنَ} بأنهنّ حرائر { فَلاَ يُؤْذَيْنَ } بالتعرّض لهنّ بخلاف الإِماء فلا يغطين وجوههنّ ، فكان المنافقون يتعرّضون لهنّ { وَكَانَ الله غَفُوراً } لما سلف منهن من ترك الستر { رَّحِيماً} بهنّ إذ سترهنّ ,
وعلى هذا فسر أئمة التفسير الآية ، فهل يقال بعد ذلك كله. ليس في الإسلام دليل واحد على مشروعية تغطية الوجه، وغيرها الكثير من الآيات وأقوال العلماء وتفسيرهم لها في هذا الصدد,
* ذكــــــر الأحاديث النبوية الدالة على الحجاب.
1 :
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (خرجت سوده بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال: يا سوده: أما والله ما تخفين علينا) رواه البخاري(146)، ومسلم (2170)
2: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا خطب أحدكم امرأة ، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها ، فليفعل) فخطبت جارية فكنت أختبئ لها ، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها " رواه أبو داود(2082)، وأحمد (3/334)، والحاكم (2/165) ، وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي ، وحسن إسناده الحافظ في الفتح (9/181)
3: عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال :( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال : اذهب فانظر إليها ، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما " فخطبتها إلى أبويها ، وأخبرتها بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهما كرها ذلك ، قال: فسمعت ذلك المرأة وهى في خدرها فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر ، وإلا فأنشدك الله كأنها أعظمت ذلك قال : فنظرت إليها فتزوجتها) رواه الترمذي (3/1087) ، والنسائي (6/69) ، وأحمد(4/144,
4: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها) رواه البخاري(5240/241) ، وأبو داود (2150)، والترمذي ,
5: عن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما قالت : ( كنا نغطى وجوهنا من الرجال ، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام) رواه الحاكم (1/454) ، وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
6: عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( يرحم الله نساء المهاجرات لما أنزل الله{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } شققن مروطهن فاختمرن بها ) رواه البخاري ,
7: عن عائشة رضي الله عنها قالت :(رحم الله نساء الأنصار ، لما نزلت{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ } شققن مروطهن فاعتجرن بها. عزاه السيوطي في الدرر المنثور إلى ابن مروديه,
8: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال :( قبرنا مع رسول الله ، فلما رجعنا ، وحاذينا بابه إذ هو بامرأة لا نظنه عرفها ، فقال : يا فاطمة من أين جئت) (رواه أحمد ، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ، ورواه أبو داود والنسائي
9: عن ابن عمررضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لاتنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القفازين ) "رواه البخاري (1838 ).
* دراســة حديث أسماء الذي عليه مدارالخلاف .
جاء عن أبي داوود في سننه من طريق الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد بن دريك عن عائشة رضي الله عنها (أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها دخلت على رسول الله صلي الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال: ياأسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يري منهاإلاهذاوهذاوأشارإلي وجهه وكفيه ) حديث مرسل .
هذا الحديث قال أبوداوودبعد إيراده : مرسل فخالد لم يدرك عائشة حتى يسمع منها .
ومن المعلوم أن رسول الله صلي الله عليه لم يدخل بعائشة إلابعدالهجرة إلي المدينة وأن أسماء لما هاجرت كان ابنها عبد الله بن الزبير رضي الله عنها في بطنها وهو أول مولود في دار الهجرة فمتى كان دخولها علي النبي صلي الله عليه وسلم وآية الحجاب لم بنزل إلابعدالهجرة كما كانت أسماء رضي الله عنها من أكثر نساء الصحابة تمسكا بالحجاب الشرعي وستر الوجه خاصة
فقد ذكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالي أن أسماء رضي الله عنها كانت تستروجهها مطلقافي الإحرام وغيره ، وأورد قول ابن قدامة رحمه الله في المغني وابن رشد في البداية بأن المرأة إحرامها في وجهها إجماعا ولها أن تغطي رأسها وتستر شعرها ولها أن تسدل ثوبها علي وجهها من فوق رأسها سد لاخفيفا تستتر به عن نظر الرجل( إلا )ماروي عن أسماء رضي الله عنها أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة فلو صح ذالك الحديث لكانت أسماء أول من يبادر إلي تطبيقه سميا وهي المخاطبة به ولذا نري أن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عليه يضعف هذا لحديث بثلاث علل ،
الأولي .. أنه من رواية خالد بن دريك عن عائشة وخالد لم يسمع منها فهو منقطع وفد عليه راويه أبو داوودبهذه العلة وذكر أنه مرسل ,
الثانية ..أن في إسناده سعيد بن بشيروهوضعيف لا يحتج به ,
الثالثة ..عن قتادة عن خالد وهومدلس ,
يقول الباحث وهو الشيخ محمد الشنقيطي المدرس بالمسجد النبوي الشريف : ثم تتبعت طرق حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها الذي هو مثار البحث فقدوري أبوداوودفي سننه الجزء الثاني والبيهقي في الكبرى وابن عدي في الكامل والبيهقي في المعرفة كلهم رووعن طريق الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالدين دريك عن عائشة إلي آخر الحديث .وقد ظهر من ذالك أن هذالحديث مسلسل بالعلل التي اهتم بها علماء الجرح والتعديل ومنها مايلي :
الأولي ..أن خالد بن دريك لم يسمع من عائشة رضي الله عنها قال أبوداوودفي سننه هذا حديث مرسل فخالد لم يسمع من عائشة وقال في سؤالات الآجر ي لم يدرك عائشة وقال المنذري في الترغيب والترهيب لم يدرك عائشة وقدتبعهمافي هذامن بعدهما ممن كتب في الجرح والتعديل وفي تتبع رجال السند ,
الثانية .. أن خالدا تفر دبه دون باقي الرواة عن عائشة رضي الله عنها وفي هذا بعد ,
الثالثة ..أن قتادة بن دعامة السدوسي مدلس مشهور بذالك عند أهل الحديث ولم أرله تصريحا بالسماع ,
الرابعة ..أن الراوي عن قتادة هو سعيد بن بشير وقدتفردبه دون بقية أصحاب قتادة بهذالإسنادوهوبعيد,
قال أبو أحمد بن عدي ولا أعلم من رواه عن قتادة بهذاالإسنادغير سعيد بن بشير فتفرد سعيد بن بشير بهذا الأثر دون جميع أصحاب قتادة وفيهم الأئمة يدل علي غرابة هذا الإسناد,
الخامسة ..أن سعيد بن بشير هذا ضعيف علي الصحيح من أقوال أهل العلم ,
السادسة ..أنه اختلف فيه علي سعيد بن بشير فقال مرة فيه مرة عن خالد بن دريك عن أم سلمة بدل عائشة رضي الله عنها,
السابعة ..أنه رواه عن سعيد بن بشير الوليد بن مسلم وهومشهوربالتدليس عند علماء الحديث ولم أرله تصريحا بالسماع,
الثامنة ..أن قتادة قداختلف عليه فيه فرواه سعيد بن بشيركماسبق ورواه هشام الدستوائ مقطوعا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال وذكر الحديث وإسناده منقطع ومراسيل قتادة ضعيفة جدا ,
التاسعة .. أنه قداختلف في متنها ففي رواية سعيد بن بشير وكفاها وفي رواية هشام قال ويداها إلي المفصل ,
العاشرة ..أن فيه نكارة أشد مما سبق وهي مخالفته لنص القرءان الكريم قال تعالي {ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن } وقد توسع في هذا الشيخ الألباني في حديثه عن جلباب المرأة المسلمة والرسول صلي الله عليه وسلم بالنسبة لأسماء رضي الله عنها ليس من أولئك المذكورين في الآية الكريمة فكيف تدخل عليه رضي الله عنها بهذا لشكل ,
الحادي عشر ..أنه مخالف لما روته عائشة رضي الله عنها في أحاديث منها :
1:في قصة الإفك وأنها غطت وجهها ,
2:في حديث عمر حينما قال عرفناك ياسودة فقالت عائشة رضي الله عنها فنزلت آية الحجاب وغير ذالك من الأحاديث ,
الثاني عشر ..أنه مخالف لماروي وعرف عن حياء أسماء رضي الله عنها وغيرت زوجها الزبير بن العوام ولا أدل علي ذالك مما رواه البخاري ,
الثالث عشر..أن خالدا هذا قال فيه ابن القطان مجهول الحال كمافي نصب الراية " فإن قيل فإن له طريقا آخر يشهد له وهوماجاء في الطبراني في الأوسط وفي الكبير وعنداليهقي في السنن الكبرى عن طريق محمد بن رمح عن ابن لهيعة عن عياض بن عبد الله أنه سمع إبراهيم بن عبيد بن رفاعة الأنصاري يخبر عن أبيه (أظنـه) عن أسماء بنت عميس أنها قالت :دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم علي عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وعندها أختها أسماء وعليها ثياب شامية واسعة الأكمام فلما نظر إليها رسول الله صلي الله عليه وسلم قام فخرج فقالت لها عائشة رضي الله عنها تنحي فقد رأي رسول الله صلي الله عليه وسلم أمرا كرهه فتنحت فدخل رسول الله صلي الله عليه وسلم فسألته عائشة رضي الله عنها لم قام فقال لها أولم تري إلي هيئتها إنه ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها إلا هذا وهذا وأخذ كفيه وغطي بهما ظهر كفيه حتى لم يبدمن كفيه إلا أصابعهما ثم نصب كفيه علي صدغيه حتى لم يبد إلا وجهه قال البيهقي ضعيف الإسناد,
قلت: هذا الحديث فيه ابن لهيعة وهوعبدالله أبوعبدالرحمن المصري وهو ضعيف وخصوصاإذا انفرد كماهنا فقد إنفردبهذ الإسناد بل وشيخه عياض بن عبد الله القرشي الفهري المدني ثم المصري قال عنه البخاري منكر الحديث وقال أبوحاتم ليس بالقوي وقال العقيلي حديثه غير محفوظ وذكره ابن حبان في الثقات كما يلاحظ عليه الشك في الحديث هل هي أسماء بنت عميس أم لا بقوله( أظن) , وللداعين إلي التساهل في حجاب المرأة بعض الطرق اللتي يلتمسون بها مايقوي رغبتهم في تأصيل مايدعون إليه ومن ذالك :
أولا : قصة المرأة الخثعمية اللتي كانت تسأل النبي صلي الله عليه وسلم ووصفت بأنها وضيئة أعجبت الفضل مما يدل علي أنها كانت كاشفة وجهها ,
ثانيا :حكاية المرأة اللتي وهبت نفسها للنبي صلي الله عليه وسلم وجاء فيها أن النبي صلي الله عليه وسلم صعد فيها النظر ولم يأمرها بالتستر مما يدل علي أنها كانت كاشفة الوجه,
ثالثا : ماجاء في حديث جابر رضي الله عنه الذي أخبر فيه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مضي بعد صلاة العيد حتى أتي النساء فوعظهن وذكرهن فقال تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقامت امرأة من وسط النساء سفعاء الخدين فقالت ولم يارسول الله فلو لم تكن كاشفة الوجه لما وصفت بذالك ,وقدنا قش العلماء قديماوحديثاهذالأمر وممن بحثه حديثا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان في إيضاح القرءان بالقرءان في الجزء السادس عند مروره بسورة النور وسورة الأحزاب وكذالك الشيخ عبدالعزيزبن باز رحمهما الله واعتبر العلماء الفيصل في ذالك آيات الحجاب اللتي أنزلها الله علي رسوله صلي الله عليه وسلم فهو سبحانه له الحكم وإليه يرجع الأمر كله ويعلم طبائع البشر منذ خلق آدم إلي أن يرث الأرض ومن عليها ومايطرء علي النفوس من تغيرات وما تصلح به المجتمعات وتستقيم به أحوال العبادومايفسدها بحسب ماأودع الله سبحانه وتعالي في طبائع البشر من رغبات وشهوات خاصة عندما يضعف الوازع الديني والحاجز اليقيني بمراقبة الله تعالي في السر والعلن خاص ة وأن الدعوة إلي عدم حجات المرأة المسلمة بما يمكن الحياء ويحجب محاسنها عن الأجانب يدعوها إلي ترك الحجاب الذي فهمته نساء الصحابة وطبقته ساعة نزول القرءان وحث عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم بأمره من ليس لها جلباب أن تلبسها أختها من جلبابها كمايدعوهاذالك إلي مخالفة أمر الله وما تفسير الصحابة رضوان الله عليهم لآية الحجاب والرسول الله صلي الله عليه وسلم موجود بين أظهرهم ينزل عليه الوحي إلا دليل بأن إدلاء الحجاب وضرب الخمر علي الجيوب إنما يدخل فيه ستر الوجه وتغطيته مع الشعر عن الرجال وأن ستر الوجه عمل بالنص لقرءاني الكريم كما قالته وعملته عائشة رضي الله عنها ونساء الرعيل الأول من هذه الأمة وعنهم أخذ التابعون ومن جاء بعدهم وليس مايقوله بعض الناس في حججهم بأن هذا لحجاب لم بعرف إلا في العصور المتأخرة عندما فرضه العثمانيون وأنه من موروثات العادات القديمة عندهم ذالك أن احتجاب النساء عن الرجال وستر هن وجوههن اللتي هي موضع الفتنة ومجامع الحسن ماهو إلا تصديق بكتاب الله عزوجل وإيمان بأنه أنزل من عند الله وواجبهن الامتثال وحسن الإتباع سمعا وطاعة لله عزوجل خاصة وأنهن عرفن مثل هذالحديث عنه صلي الله عليه وسلم أن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ماتكون من رحمة ربها وهي في قعر دارها "رواه الترمـذي .

أسأل الله لي ولكم خالص القول والعمل إنه سميع مجيب والسلام عليكم ورحمة الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق